دولي

إيكونوميست: على مصر إخراج الجيش من الاقتصاد أو توقع مساعدات أقل

خصصت مجلة “إيكونوميست” افتتاحيتها للموضوع المصري وعنونتها “لإنقاذ الاقتصاد المصري أخرجوا الجيش منه”. وقالت فيها إن الجنية المصري فقد نصف قيمته خلال العام الماضي وكان أسوأ العملات أداء في العالم عام 2023. وفي الخامس من كانون الثاني/ يناير خفضت الحكومة قيمته للمرة الثالثة في أقل من عام.

وأضافت أن ما يقرب من نصف إيرادات الدولة يذهب لخدمة ديونها، والتي تصل إلى 90% من الناتج المحلي الإجمالي. وبلغ حجم التضخم رسميا، 21%، في وقت ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية بشكل مضطرد، مضيفة أن الأرقام الرسمية عن التضخم لم تواكب التدهور الاقتصادي في مصر، لذا فمن شبه المؤكد أن الواقع أسوأ.

وقالت إن هذا جلب البؤس للشعب المصري، حيث يعيش حوالي ثلثه على أقل من دولارين في اليوم. والثلث الآخر على وشك الانضمام إليهم. واتهمت المجلة المسؤولين بخذلان الشعب عندما قدموا مصالحهم الخاصة على مصالح مواطنيهم.

وعلقت قائلة إن الأزمة الاقتصادية في مصر ظلت أزمة بطور التكوين، وهي ناتجة جزئيا عن قوى خارجة عن سيطرة الدولة.

أضر الغزو الروسي لأوكرانيا بمصر بشدة، لأنها أكبر مستورد للقمح في العالم

فقد أضر الغزو الروسي لأوكرانيا بمصر بشدة، لأنها أكبر مستورد للقمح في العالم، وعادة ما يكون أكبر مورديها من روسيا وأوكرانيا. وهو ما جعل أسعار القمح المرتفعة مكلفة بشكل مدمر على الحكومة لتوفير الخبز المدعوم الرخيص للغاية الذي يتوقعه المصريون، والذين قد يقومون بأعمال شغب إذا لم يكن متوفرا.

كما أدت الحرب إلى تراجع معدلات السياحة التي كانت تشكل، قبل الوباء، حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتسبب ارتفاع أسعار الحبوب ونقص السياح الروس في الضغط على احتياطيات مصر من العملات الأجنبية والجنيه المصري، بشكل دفع المستثمرين الأجانب للتخلص من السندات المصرية.

وهو ما خلق وضعا يكافح فيه المصريون للحصول على العملة الصعبة الآن.

إلا أن المشكلة الأساسية في البلاد هي القبضة الخانقة على الاقتصاد التي تمارسها الدولة، وتحديدا الجيش.

ولا تقدم الإحصائيات الرسمية، وهو أمر غريب، مقياسا لتحكم الجيش في موارد الدولة. فالحكومة تقول إنه يسيطر على ما بين 1.5-2% فقط من الإنتاج. مع أن المدى الحقيقي لتأثير الدولة، المباشر وغير المباشر هو أكبر بكثير.

وتوسع المدى في ظل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان قبل انقلابه قائدا عاما للقوات المسلحة.

وتعدد المجلة المجالات التي تضمها إمبراطورية الجيش الآن، وفي الحقيقة هي كل شيء من محطات الوقود إلى المياه المعدنية والزيتون. لقد سيطرت على سوق تربية الأسماك وعلى صناعة السيارات. كما واشترت الأجهزة الأمنية أجزاء كبيرة من وسائل الإعلام المصرية. وقام الجيش ببناء معمل أسمنت جديد ضخم، مما تسبب في حدوث تخمة في الإمدادات دمرت الشركات الخاصة.

وفي صناعة تلو الأخرى، تضغط المؤسسة العسكرية على المنافسين أو تخيفهم، مما يردع الاستثمار الخاص. ولا يمكن لأي شركة عادية أن تتنافس مع هيئة لا تدفع ضرائب أو رسوما جمركية ويمكن أن تلقي بمنافسيها في السجن. بالنسبة لعامة المصريين، فإن سحق الجيش للمنافسة يعني نموا أبطأ وأسعارا أعلى وفرصا أقل.

ومن هنا تدعو المجلة صندوق النقد الدولي أن يأخذ بعين الاعتبار دور الجيش، حيث جاءت مصر تطرق بابه للمرة الرابعة خلال ست سنوات وتتوسله الإنقاذ.

وهي الآن أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين. في الماضي، وافق نظام السيسي على إجراء إصلاحات مقابل أموال صندوق النقد الدولي. وبموجب شروط اتفاقية بقيمة 12 مليار دولار أبرمت في عام 2016، خفض النظام قيمة العملة وقلص الدعم. لكن من الواضح أن السيسي فشل في الوفاء بوعوده بتقليص دور الجيش في الاقتصاد.

تعهدت الحكومة مرة أخرى بتخفيف دور الدولة والقوات المسلحة وسحبها من القطاعات “غير الاستراتيجية”

وبحسب أحدث اتفاق لمصر مع صندوق النقد الدولي، تم الاتفاق عليه في كانون الأول (ديسمبر)، تعهدت الحكومة مرة أخرى بتخفيف دور الدولة والقوات المسلحة وسحبها من القطاعات “غير الاستراتيجية”. لكن الرجال الذين يرتدون الزي العسكري أو الذين تقاعدوا منه قبل فترة ويهيمنون عليه ليس لديهم حافز كبير للقيام بذلك. فقد استفاد الكثيرون بشكل جيد من البحث عن الريع. وعلى أي حال، في بلد له تاريخ من الانقلابات، لن يجرؤ سوى القليل على تحدي امتيازات الجيش.

وتستدرك أن المانحين يواصلون إنقاذ مصر لأنهم خائفون من فكرة انهيارها لو لم يساعدوه. إنها الدولة الأكبر في الشرق الأوسط من ناحية التعداد السكاني وحليفة مهمة للغرب. وهناك خوف من انفجار داخلي يدفع بأساطيل اللاجئين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا. وهذه ليست افتراضات غير حقيقية، والمشكلة تظل قائمة، ونابعة من مواصلة دعم نظام يرفض الإصلاح ويزيد من مشاكل مصر وفقر شعبها وغضبهم، فهذه ليست وصفة للاستقرار على المدى الطويل. وأصبح حلفاء مصر الخليجيون المحبطون أقل سخاء.

وبالمحصلة، يجب على صندوق النقد الدولي الآن أن يلزم الحكومة بتحقيق تعهداتها. فإما أن تبدأ مصر بإخراج الجيش من الاقتصاد، أو عليها توقع مساعدات أقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى