سياسة

ماذا يحدث في إسرائيل الآن والي اين تتجه الأزمة

بقلم رئيس التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

وجاء في قوله تعالى:( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ)،هذة هي دوله الكيان الصهيوني هذة دوله الموساد التي اخافت العرب، هي صورته الان إسرائيل لم تكن يوما ولن تكون بفعل الاحتجاجات “دولة ديمقراطية”.

إسرائيل كدولة ونظام جاءت تجسيدا ماديا للفكر الصهيوني وقامت عمليا على قاعدة الاستعلاء والتفضيل العنصري الذي يمثل جوهر الفكر الصهيوني، الذي نشأ في أوروبا، (كما الاستعمار الغربي لشعوب العالم) وفرضت نتائجه الاستعمارية الكارثية على الشعب الفلسطيني.

ويحمل جوهر فكرة “الدولة اليهودية” قيما عنصرية بمفرداتها وقوانينها وممارساتها، ويقوم على التفوق العرقي/ الديني (اليهودي) على “الأغيار” (الغوييم- الأغيار أو غير اليهود)، وعلى الرغم من أن الفكرة قامت على تعابير ومفردات دينية، لكنها حملت ترجمات سياسية وقانونية منذ التطهير العرقي لفلسطين عام 1948 وفي ممارسات الحكم العسكري الذي رسخ فكرة الأبرتهايد وتطبيق القانون وفق الانتماء القومي/ الديني على اليهود و”غير اليهود”.

وبقيت عناصر هذا التمييز وتبعاته مستمرة في الفترة التي تلت إنهاء الحكم العسكري، وظاهرة للعيان على الرغم من محاولات تغليفها بحقوق مدنية وأساسية لم تتجرأ على المساس بالجوهر القانوني الذي فرضته تطبيقات “الدولة اليهودية” بالفعل (سياسة مصادرة الأراضي، قوانين وسياسات التهويد، قانون العودة وغيرها).

الفاشية أكبر من بن غفير وسموتريتش

استندت كل الممارسات والقوانين العنصرية إلى رأي عام ينحو منذ عقود إلى اليمين، وحتى اليمين الفاشي بخطوات شعبوية متسارعة وواضحة. تمثل نتائج الانتخابات دليلا واحدا عليها، وكانت تمر محطاتها بسيطرة تدريجية لليمين الفاشي والتيارات الدينية الاستيطانية والصهيونية – على أنواعها – على مفاتيح الحكم ومؤسساته في الدولة، والتي هيئت الظروف والمناخ (خلال عدة عقود) لنشوء قاعدة شعبية شعبوية جلبت الحكومة الحالية للحكم، والتي تعتبر التمثيل الأفضل والحقيقي للواقع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي، اليوم.

صراعات تعمق الشرخ المجتمعي وتقوض “جيش الشعب”

يعكس اتساع دائرة الاحتجاجات في إسرائيل ضد خطة التعديلات القضائية، التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو، الأزمة الداخلية والاستقطاب، وتعمّق الشرخ في المجتمع الإسرائيلي، والصراع السياسي والحزبي، وحالة الانقسام التي تتنامى يوما بعد يوم.

ويجمع محللون وتقديرات مراكز الأبحاث على أن المجتمع الإسرائيلي -الذي دخل حالة صراع غير مسبوقة على هوية الدولة اليهودية والمشروع الصهيوني وملامحه المستقبلية- لن يعود إلى ما كان عليه.

ويرى هؤلاء أن الشرخ الحاصل في المجتمع الإسرائيلي، والاحتجاجات، والانقسام في الجيش والمؤسسات الأمنية، وتداعيات الانقسام على الاقتصاد والمؤسسات المصرفية والأكاديمية، كل ذلك سيفضي إلى مجتمع إسرائيلي منقسم على ذاته، وليس لديه إجماع على أي قضية حتى فيما يتعلق بالأمن القومي.

ويبدي محلل الشؤون الأمنية والعسكرية قلقه من احتمال تشرذم وتصدع “جيش الشعب” إذا اتسع الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي نتيجة غياب الحوار بين الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة.

ويري شيلح أنه لا يمكن التنبؤ بالمدى الذي يمكن أن تصله هذه الاحتجاجات، فالأحداث الجارية توحي بأن إسرائيل تتجه نحو الفوضى في ظل غياب قيادة مسؤولة وجامعة.

وتتبنى الطرح نفسه عيديت شفران جيتلمان، رئيسة برنامج “الجيش والمجتمع” في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية والباحثة بمركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.

والتي أكدت -فيه أنه “عندما يكون هناك شرخ بالمجتمع الإسرائيلي فهذا ينعكس سلبا على المؤسسة العسكرية والجيش”.

وفيما يتصل بمتانة الجيش في ظل الاحتجاجات وخطة الإصلاحات التشريعية في الجهاز القضائي، فإن جيتلمان تعتقد أنه لا يمكن فصل وعزل الجيش عما يحصل في المجتمع الإسرائيلي، فالحيز المدني يختلط بالعسكري، وعليه فإن حالة التشرذم والصراعات الداخلية تسهم في تصدع مقولة “الجيش الإسرائيلي هو جيش الشعب”.

ولا تستبعد جيتلمان أن يسهم الصراع الداخلي والانقسام السياسي والتفتت المجتمعي إلى زعزعة الثقة في الجيش، وفقدانه قدراته الميدانية مع تآكل قوة الردع، مشيرة إلى أن رفض خدمة الاحتياط والسجال العسكري بداية للتفتت داخل المؤسسة العسكرية، وهو أمر أشبه بكرة الثلج المتدحرجة التي لا يمكن التنبؤ إلى أين ستصل سياسيا وعسكريا.

بداية النهاية
من جانبه، يعتقد محلل الشؤون السياسية والحزبية محمد مجادلة أن تفاقم الأزمة السياسية في إسرائيل يشير إلى أن الاحتجاجات كتبت بداية النهاية لحكومة نتنياهو، مما يعني أن أي قرار سيتخذه سيُواجه بمعارضة داخلية في حزب الليكود، ثم معارضة داخل الائتلاف الحاكم، وهو مؤشر إلى السير نحو إسقاط الحكومة والتوجّه نحو انتخابات جديدة.

أن اتساع الاحتجاجات في المجتمع الإسرائيلي -التي عبر عنها من خلال الإضرابات ومظاهرات ما سُميت بـ”الشلل القومي”- تشير إلى أن هذه الولاية الأخيرة لنتنياهو، وأنه لن يعود إلى كرسي رئاسة الوزراء.

ولا يستبعد مجادلة سيناريو إسقاط حكومة نتنياهو التي أصبحت “هشة وغير متجانسة وتحكمها خلافات داخلية”، مستدركا أنه حتى لو حافظت الحكومة على تماسكها، فستكون ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية أو إستراتيجية.

وفي ظل اتساع الاحتجاجات والانقسامات والتشرذم في المشهد السياسي الإسرائيلي، يرى محلل الشؤون السياسية والحزبية أن بقاء هذه الحكومة يعني مزيدا من الإضرابات والغموض تجاه المستقبل.

ولا يستبعد مجادلة أن يتجه نتنياهو -الذي يواجه المحاكمة بملفات فساد وخيانة أمانة- إلى اعتماد المزيد من القرارات الاستفزازية تجاه الفلسطينيين، وتصدير الأزمة الداخلية بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران.

أن ما يحدث في إسرائيل تجاوز رفض خطة التعديلات القضائية التي يقودها وزير القضاء ياريف ليفين، وأصبح صراعا على الحكم وهوية الدولة اليهودية، وبالتالي قد تفضي الاحتجاجات لخلق إسرائيل جديدة.

وهذا سوف يؤدي الي الاحتجاجات قد تفرز معسكرا سياسيا جديدا يُخرج إسرائيل من أزمتها، ويأخذ بعين الاعتبار القضية الفلسطينية ودول الجوار. ولا يستبعد أيضا عودة الليكود لتشكيل حكومة جديدة من دون نتنياهو، حيث أظهرت المعطيات أنه بمثابة المشكلة وليس الحل.

اجتماعات مغلقة
وبدوره، حثّ نتنياهو المتظاهرين الرافضين للتعديلات القضائية التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية، قائلًا: “أدعو جميع المتظاهرين في القدس من اليمين واليسار، إلى التصرف بمسؤولية وعدم التصرف بعنف، نحن أخوة”، بعد مشاركته في اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن لعرض التهديدات الأمنية في ضوء التطورات الإسرائيلية الداخلية على خلفية أزمة التعديلات القضائية، فيما أوضح “جالانت” أنّ إسرائيل تعاني ضعفًا في المكانة الدولية على الرغم من دعم الولايات المتحدة.

ومن جهته، علّق إسحاق هرتسوج، رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، على المشهد السياسي في إسرائيل، قائلًا: “شاهدنا الليلة مشاهد صعبة للغاية، أنا أخاطب رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والائتلاف والأمن والاقتصاد والمجتمع كلهم ​​مهددون، وأنظار العالم بأكمله تتجه إلى إسرائيل من أجل المسؤولية، أدعوكم إلى وقف العملية التشريعية فورًا”.

وقال يوآف جالانت، وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي المقال، اليوم الإثنين: “إن هناك ضعفًا في مكانة إسرائيل الدولية”، وهناك خطرًا كبيرًا على جيش الاحتلال وقوات الأمن الاسرائيلية، مشيرًا إلى أن التهديدات لـ”إسرائيل” ألزمته التصرف بشكل فوري.

وفي سياق متصل، من المقرر أن تعقد هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال الإسرائيلي اجتماعًا بقيادة هيرتسي هاليفي، رئيس أركان الجيش، لبحث التطورات الأخيرة في جهاز الأمن، إذ اتسعت ظاهرة رفض الخدمة العسكرية في قوات الاحتياط، هناك تخوف من تسرب ذلك التمرد إلى القوات النظامية، إلى جانب البحث في إقالة تبعات وزير الدفاع الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى