اقتصاد

البحرين تتطلع لمواكبه الزخم الاقتصادي الخليجي

تشهد البحرين انتعاشا في الحركة الاقتصادية بمليارات الدولارات يقوم على تنفيذ مشاريع ضخمة جديدة، تساهم في وضع المملكة في موقع التنافس مع جيرانها الأثرياء، وفي الوقت ذاته ترسيخ الاستقرار فيها بعد أكثر من عقد من الاضطرابات.

ولا يبدو الطريق معبّدا أمام أصغر دول الخليج العربي الواقعة قرب الإمارات الثرية وقطر الغنية بالغاز، فيما يربطها بالسعودية، أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد عربي، جسر بطول 25 كلم.

وتشهد البحرين التي تتكوّن من 30 جزيرة والتي شهدت اضطرابات منذ تظاهرات العام 2011، لعملية تحديث وإصلاح كبيرة تهدف إلى تنويع إيراداتها، مستفيدة من زخم اقتصادي خليجي كبير على خلفية ارتفاع أسعار النفط وخطط تنويع الاقتصاد المختلفة.

وباتت مواقع بناء متعدّدة تنتشر في أرجاء المملكة، فيما تطمح البحرين، وهي منتج للنفط من خارج منظمة الدول المصدّرة “أوبك”، إلى تقليل الاعتماد على الخام الذي يوفّر 80 بالمئة من إيراداتها ومعظمها من التكرير.

وقال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية البحريني خالد إبراهيم حميدان لصحافيين في المنامة هذا الشهر “الخطة واضحة: نريد أن ننمو ونريد أن ننمو أسرع من العالم”.

وقد تجد البحرين في إعلان استئناف العلاقات بين السعودية وإيران التي تتّهمها المنامة بإذكاء الاضطرابات فيها، دفعا لجهودها في تحقيق الاستقرار.

ويقول الخبير الاقتصادي في شؤون الخليج من مجموعة “خليج إيكونوميكس” الاستشارية جاستن ألكسندر لوكالة فرانس برس “في سيناريو متفائل، سيزداد التقارب السعودي الإيراني ويخلق بيئة مؤاتية أكثر للمصالحة السياسية داخل البحرين، والتي بدورها قد تؤدي الى نزع فتيل عدم الاستقرار من العامل الاقتصادي”.

وتتمتع البحرين بموروث غني في قطاع التجارة والأعمال يعود إلى عقود مضت حين كان يُنظر إليها على أنّها مركز لصيد اللؤلؤ.

غير أنّ مكانتها التاريخية هذه ضعفت في ظل منافسة إقليمية حادة، خصوصا من جانب دبي والدوحة، ولكن أيضًا بسبب التحديات الاقتصادية الداخلية منذ انهيار أسعار النفط في 2014.

وكانت تظاهرات العام 2011 التي ترافقت مع انتفاضات “الربيع العربي”، انتهت بحملة ضد المتظاهرين الذين طالبوا بحكومة منتخبة. فحظرت البحرين أحزاب المعارضة وسجنت معارضين سياسيين، الأمر الذي أثار انتقادات دولية واسعة.

في عام 2018، وافقت دول الخليج الأكثر ثراء على دعم الطموحات الاقتصادية للبحرين من خلال قروض بقيمة عشرة مليارات دولار، ما أدى إلى موجة إعمار جديدة في البلاد.

وبالإضافة إلى خطط بناء مراكز للسياحة والرياضة بينها مقار للغوص ومدينة ألعاب تحت سطح البحر، أعلنت البحرين عن مبنى ركاب جديد في مطارها الدولي يمكّنه استيعاب ما يصل إلى 14 مليون مسافر سنويا، أي أكثر من ضعف السعة السابقة.

كما قامت بافتتاح أحد أكبر مراكز المؤتمرات في الخليج على أمل استضافة أحداث كبرى.

ويهدف برنامج للتوازن المالي في المملكة إلى تحقيق توازن في الميزانية بحلول 2024، فيما تركّز رؤية البحرين 2030 على تقليل الاعتماد على الموارد المتواضعة من النفط والغاز وتطوير قطاعات جديدة مثل السياحة.

ووفقا لبيان لوزارة المالية الاثنين، حقّق الاقتصاد نموا بنسبة 4,9 بالمئة العام الماضي، وهو الأعلى منذ عام 2013.

وتطمح الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليون نسمة نصفهم تقريبا من الأجانب، إلى رفع مستوى مساهمة السياحة في الناتج المحلي من 7 إلى أكثر من 11 بالمئة خلال بضع سنوات.

وقال حميدان الذي كان يتحدّث على هامش سباق الجائزة الكبرى السنوي للفورمولا واحد “نحن على ثقة من أنّنا سنواصل السير في هذا الطريق وتحقيق النتائج التي نرغب فيها”.

وتتميّز البحرين، وهي دولة بحجم مدينة نيويورك، بنظام ضريبي منخفض نسبيًا، وبنية تحتية حديثة.

والبلد الصغير حليف للغرب ومقر للأسطول الخامس للبحرية الأميركية، ويتمتع بموقع استراتيجي على طول طرق الشحن الرئيسية ما يجعله مركزا لوجستيا مهما في الشرق الأوسط، ولكن يضعه أيضا في قلب النزاعات الإقليمية.

ويقول ألكسندر “حاولت البحرين تطوير قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا المالية (…). ومع ذلك، منذ احتجاجات 2011، أصبحت التوترات في المجتمع البحريني مصدر قلق للمستثمرين”.

لكن بعد الاتفاق الذي توسّطت فيه الصين هذا الشهر لإنهاء الخلاف المستمر منذ سبع سنوات بين إيران والسعودية، قالت طهران الأسبوع الماضي إنها ترّحب أيضا باستعادة العلاقات مع البحرين.

في الوقت ذاته، فإن الإصلاحيين من جيل شاب تلقى تعليما غربيًا بقيادة ولي العهد ورئيس الوزراء الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة (54 عامًا)، يشقّون موقعهم كقوة تغيير في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى