منصة CHATGPT تواصل إثارة الجدل ودائرة المنتقدين تتسع
حظي روبوت الدردشة ‘‘تشات جي بي تي‘‘ الذي أطلقته شركة “أوبن إيه أي” بشعبية كبيرة بسبب قدرته على فهم النصوص وتوليد إجابات واقعية وبديهية للأسئلة المختلفة، وبسبب هذا النجاح، أضحى بالإمكان الاعتماد على “تشات جي بي تي” في العديد من المجالات الحياتية.
غير أنه رغم المزايا العديدة التي يتيحها الروبوت، إلا أنه طرح عدد من القضايا المثيرة للجدل، كمخاوف استخدامه في الإخلال بالخصوصية أو الأنشطة الاحتيالية، ودحض المجهودات البشرية، وإمكانية تدريبه على القيام بتحيزات أو تمييزات ضد بعض الأشخاص أو الفئات.
في هذا السياق دعا عدد من العلماء والخبراء في ميادين مختلفة (فلسفة، سوسيولوجيا، تكنولوجيا)، إلى مواجهة هاته الطفرة التكنولوجيا وكبح جماحها تفاديا للآثار السلبية المحتملة والتحديات المتفاقمة.
نعوم تشومسكي: لا يفرق بين الممكن والمستحي
في مقال رأي حديث النشر بجريدة ‘‘نيويورك تايمز‘‘ للفيلسوف وعالم اللسانيات الأمريكي ‘‘نعوم تشومسكي‘‘ وبعض زملائه، يشرح فريق البحث أن رغم ما تتيحه برامج الذكاء الاصطناعي بشكل عام إلا أنها وبمنطق الفلسفة وعلم اللسانيات، تظل مختلفة تمام الاختلاف عن الكيفية التي يفكر بها البشر وتناولهم للغة.
يوضح ‘‘تشومسكي‘‘، أن العقل البشري لا يلتهم مئات التيرابايت من البيانات والمعلومات لكي يقدم ردا على درجة كبيرة من الاحتمالية على شاكلة روبوت “تشات جي بي تي” وباقي برامج الذكاء الاصطناعي، بل إنه يعمل على استنباط تفسيرات من خلال كميات قليلة من المعلومات.
يوضح كذلك بشكل مفصل عدم قدرة برامج الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها روبوت “تشات جي بي تي” على التمييز بين الممكن والمستحيل وكيف أن ذلك ناتج عن نقطة قوة هاته البرامج المتمثلة في قدرتها غير المحدودة على التخزين، إذ بإمكانها أن تتعلم أن الأرض مسطحة وأن الأرض كروية في الآن ذاته دون تمييز للإجابة الصحيحة عن الخاطئة.
يخلص ‘‘تشومسكي‘‘ ورفاقه إلى أن روبوت الدردشة “تشات جي بي تي” ومن على شاكلته من أنظمة الذكاء الاصطناعي، غير قادر على إحداث انسجام وتوازن بين الإبداع والقيود. فيقدم الحقائق والأكاذيب، ويستنبط القرارات الأخلاقية وغير الأخلاقية. أيلون ماسك يدق ناقوس الخطر دعا 1000 شخص من بينهم الملياردير الأميركي أيلون ماسك إلى جانب عدد من خبراء الذكاء الاصطناعي ومديرين تنفيذين، ضمن رسالة مفتوحة، إلى دق ناقوس الخطر ووقف تطوير أنظمة روبوت الدردشة ‘‘تشات جي بي تي 4‘‘ لمدة 6 أشهر، تفاديا للمخاطر المحتملة لهذا التطبيق على المجتمعات الإنسانية.
وجاء في نص الرسالة الرسالة الصادرة عن معهد ‘‘فيوتشر أوف لايف‘‘: “ينبغي العمل على تطوير أنظمة الذكاء الصناعي الفائقة، حال الوثوق من آثارها الايجابية، والتأكد من القدرة على كبح مخاطرها‘‘.
وأضاف ماسك ورفاقه “هل يتعين علينا الموافقة للآلات بملئ قنواتنا الإعلامية بالدعاية والكذب؟… هل يجب أن نعمل على تطوير عقول غير بشرية قد تتفوق علينا في العدد والعدة فتحل محلنا في النهاية؟ … إنه لمن الواجب تفويض مثل هذه القرارات لرواد تكنولوجيا يتم انتخابهم‘‘.
‘‘شات جي بي تي‘‘ في الأوساط الأكاديمية في استطلاع أعده الكاتب أحمد بوزيد، نشر على منصة ‘‘SERC‘‘ الأمريكية بخصوص تفاعل 24 أستاذ فلسفة من جامعات مختلفة، بخصوص جواب لسؤل: هل يشكل روبوت الدردشة ‘‘تشات جي بي تي‘‘ تهديدا على الأوساط الأكاديمية، تباينت الإجابات بشكل مطرد.
الأستاذ ‘‘ Bryan William Van Norden‘‘عن جامعة ‘‘Vassar ‘‘ الأمريكية يقول: ستسهل أداة المحادثة “تشات جي بي تي” علينا أكثر من أي وقت مضى إنتاج مؤلفات بسيطة، لكنها ستجعل أيضا معظم الكتاب أقل مهارة وأقل إلماما بمهنة الكتابة. جاء في جواب أستاذ الفلسفة بجامعة ‘‘فيلانوفا‘‘ الأمريكية، ‘‘Daniel Cunningham‘‘: لا شك أن تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ينذر بالعديد من التغيرات التي طرأت على الأوساط الأكاديمية، سواء المهددة أو المثيرة. لكن أكثر ما يقلقني هو التهديد الذي يشكله على عملية التعلم نفسها، والعواقب الاجتماعية والسياسية التي قد تترتب على ذلك. ويضيف ‘‘Daniel Cunningham‘‘، ‘‘إن التكنولوجيات مثل “تشات جي بي تي” ليست سوى أحدث الوسائل التي تكافئهم بها ثقافة المستهلك على كسلهم. الأستاذ المتقاعد من جامعة ‘‘أوهايو‘‘ الأمريكية، ‘‘Mark Dixon‘‘، قال في جوابه، ‘‘فيما يتعلق بكيفية إستخدام الطلاب لـتشات جي بي تي، كنت مدرسا للفلسفة لمدة ثلاثين عاما ووجدت أن هؤلاء الطلاب الذين لديهم ميل للغش سوف يفعلون ذلك بغض النظر عن الطرق المتاحة لهم، لذا فأنا لا أرى تشات جي بي تي كمورد سوف يشجع الطلاب الصادقين على الغش‘‘.
إيطاليا تحظر ربوت الدردشة في آخر رجات الجدل القائم حول برنامج روبوت الدردشة ‘‘تشات جي بي تي‘‘ أصدرت هيئة تنظيم الخصوصية الإيطالية، الجمعة الماضي، بيانا أعلنت من خلاله حظرها ربوت الدردشة “شات جي بي تي”. هيئة تنظيم الخصوصية بررت قرارها بأن شركة “أوبن إيه أي” الملكة لروبوت الدردشة، تجمع كميات ضخمة من المعطيات بطريقة غير قانونية، ولا توفر آلية لتمييز أعمار المستخدمين. وطالبت الهيئة في بيانها الشركة الأم بتقديم توضيحات خلال 20 يوما القادمة حول الإجراءات المؤطرة لعملها، أو أنها ستواجه عقوبة دفع غرامة 20 مليون يورو. التوفيق بين الإيجابي والسلبي في حوار سابق مع ‘‘العمق‘‘ اعتبر خبير البرمجيات، أنس أبو الكلام، أن الذكاء الاصطناعي يقدم مجهودات تغني عن مجموعة من الحسابات والتحاليل التي تحتاج من الكائن البشري سنوات عديدة، في الوقت الذي يقوم بها الذكاء الاصطناعي في وقت لحظي.
ويرى أبو الكلام أن الذكاء الاصطناعي لا مناط منه لما له من إيجابيات، لكن ينبغي أن تكون العلوم الإنسانية هي الأخرى في تطور ملازم للعلوم التجريبية حتى تتمكن البشرية من السير بخطى حثيثة لا تؤدي بها إلى الاندثار. حسب تعبير خبير البرمجيات.