الإدعاء بأن الجان يطلق في ليلة القدر وأن البخور يطرده
إن ليلة القدر ليلة مباركة فيها تتنزل الملائكة لكثرة بركتها، لذلك يسن قيامها و الإكثار فيها من الذكر و قراءة القرآن في الصلاة وخارجها .
أما ما يقال من أن الجن والعفاريت تخرج في هذه الليلة فهو باطل لأنه مخالف لظاهر ما أخبر به الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه حيث قال: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين. متفق عليه من حديث عن أبي هريرة،
وفي رواية عند الترمذي: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن.
فالظاهر من الحديث أنها مسلسلة حتى نهاية الشهر. ويدل لذلك ما ذكر ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ { القدر: 5}.
عن مجاهد قال: هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل فيها أذى.انتهى وإذا تبين هذا فينبغي استقبال ليلة القدر بالصلاة والذكر باعتبارها ليلة سلام ورحمة وعفو وبركة لا بالمخاوف واستعمال البخور، فإن ذلك مع كونه لا فائدة منه فإنه ضرر في دين المسلم ونقص في توحيده، فجعل هذا البخور سببا لدفع المكروه من الشرك الأصغر إذ لم يجعله الشرع سببا لذلك ولا يعرف من الحس والتجربة الصحيحة ولا المتوهمة أنه سبب لذلك.
وما كان هذا شأنه فإن العلماء يعدونه من الشرك الأصغر فيجب على من فعله التوبة إلى الله، وحري بالمسلم أن يستقبل ليلة القدر بما يقربه إلى الله تعالى لا بما يباعده عنه. وإذا انتشر الجن في الليل فالله سبحانه وتعالى هو الحافظ، وهو الذي يحفظ منهم ويقي شرهم، والتحصن منهم ومن شر كل ذي شر إنما يكون بالاستعاذة بالله تعالى وقراءة آية الكرسي والمعوذتين وغيرهما من آيات الذكر الحكيم وبالتعاويذ التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.