واقعة التسمم بالفراولة تعيد إلى الواجهة خطورة استعمال المبيدات الحشرية في الزراعة
ترجح واقعة تعرض أسرة بتارودانت لتسمم جماعي بعد تناول فاكهة الفراولة أنها كانت ملوثة بالمبيدات الحشرية، النقاش حول خطورة استعمال هذه المواد الكيماوية بشكل غير قانوني في الضيعات والمزارع وعدم اتباع الإرشادات الصحية في استخدامها والتحقق من سلامة المنتجات الفلاحية التي يقبل على شرائها المستهلكون حفاظا على صحتهم من خطر الإصابة بالتسممات أو الحساسية تجاه أحد المكونات المحتوية عليها هذه المنتجات الفلاحية.
وفي الوقت الذي مازالت الأبحاث جارية على قدم وساق لتحديد الأسباب الحقيقية وراء التسمم الغذائي الذي أرسل خمسة أشخاص من أسرة واحدة في حالة حرجة إلى المستشفى الإقليمي لتلقي العلاجات، إلا أن واقعة التسمم الغذائي أعادت إلى الواجهة الاستخدامات الشائعة للمبيدات الحشرية في الزراعات لحماية المحاصيل من آفة الحشرات، لاسيما زراعة الفراولة، حيث يؤدي ذلك إلى تلويث الفواكه والخضروات بالمواد الكيماوية وتحويلها إلى منتجات مسمومة تعرض صحة المستهلكين لمضاعفات صحية خطيرة في حالة تناولها بكميات كبيرة.
وحسب حسن آيت علي، رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، فإن التعرض للمبيدات الحشرية يزيد من فرص الإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة مثل السكري والزهايمر والربو والتشوهات الخلقية للأجنة وأمراض الشرطان وداء الانسداد الرئوي المزمن، مشيرا إلى أن غسل الفواكه والخضروات الملوثة بالمبيدات الحشرية بالماء الجاري من الصنبور غير كاف لإزالة هذه المواد الكيماوية لكنه يقلل من كميتها فقط.
وبغض النظر عن الأعراض الصحية التي قد تحدث عند تناول فراولة بسبب التلوث بالمبيدات الحشرية، هناك بعض الأشخاص الذين لديهم حساسية مفرطة من بروتينات الفراولة، حيث يبدأ الجهاز المناعي عند تناول هذه الفاكهة بالتفاعل بشكل حاد وتكوين أجسام مضادة، وتظهر لدى هؤلاء أعراض الحساسية البسيطة وتشمل الشعور بضيق في الحلق، حكة أو تنميل في الفم، طفح جلدي، حكة في الجلد، سعال، احتقان، غثيان، آلام في المعدة، التقيؤ، إسهال، دوخة أو دوار، وفي هذه الحالة يكفي تناول أي مضاد للهستامين بعد استشارة الأطباء المتخصصين.
أما إذا كانت الأعراض خطيرة، يشير المصدر ذاته، فيمكن أن يؤدي هذا إلى رد فعل تحسسي يهدد الحياة ويسبب أعراضا أخطر تشمل تورم اللسان، وتورم في الحلق يسد مجرى الهواء، وانخفاض حاد في ضغط الدم، تسارع نبضات القلب، الدوخة والدوار، فقدان الوعي، الإغماء وفي هذه الحالة يتطلب الأمر نقل المريض إلى المستشفى فورا قبل حدوث صدمة تحسسية حادة تؤدي إلى الوفاة.
وأكد رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك أن هناك بعض الفئات التي يجب أن تتناول الفراولة بحذر وبعد استشارة الطبيب، وهم مرضى القلب الذين يتعاطون أدوية بها Beta blockers حيث أنها تزيد من مستويات البوتاسيوم في الدم وبالتالي يجب الاحتراس من تناول أطعمة غنية بالبوتاسيوم كالفراولة والموز والكيوي، ومرضى الكلى يجب أن يحذروا من تناول الفراولة بإفراط لأن وجود البوتاسيوم بشكل مركز يعد عبئا على الكلى وقد يؤدي إلى التسمم، والأشخاص ممن لهم تاريخ عائلي للحساسية أو الربو أو الأكزيما ويجب استشارة الطبيب عنها .
ومن أجل تجنب الإصابة بأعراض التسمم أو الأمراض نتيجة تلوث الخضروات والفواكه بالبكتيريا والأوساخ، يوصى الخبير بغسل هذه المواد الفلاحية أولا بالماء ثم إضافة ملعقة كبيرة من الخل في كمية مناسبة من الماء وتنقع فيها الخضروات والفواكه لمدة 15 دقيقة، ثم يشطف جيدا بالماء قبل تناولها او طهيها، حيث تمكن هذه الطريقة من التخلص مما يقارب 98 بالمائة من البكتيريا، فضلا عن أن الخل يعتبر أحد المكونات الطبيعية التي تساعد على تنقية الخضروات والفواكه من البكتيريا والحشرات.
وأفاد حسن آيت علي أن غسل الخضروات والفواكه باستعمال بيكاربونات الصوديوم يساعد على إزالة البكتيريا، إذ يتم وضع هذه المنتجات في إناء مملوء بالماء من أجل إزالة الأوساخ وبعد ذلك يتم سكب ملعقة من بيكاربونات الصوديوم وغمر الخضر والفواكه لبضع دقائق وشطفها بالماء، مضيفا أن نقع الخضروات والفواكه في الماء المالح فكرة جيدة تساعد على تعزيز التخلص من آثار وبقايا الأوساخ بشكل فعال، بحيث يتم إضافة ملعقة صغيرة من الملح في وعاء كبير مليء بالماء، بعد ذلك تنقع الفواكه والخضروات في الماء المالح لبضع دقائق، ثم تشطف بعد ذلك بالماء الدافئ.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه بالرغم من أن نسبة مهمة من العناصر الغذائية تتواجد في القشرة الخارجية للخضر والفواكه إلى أن الحرص على تقشير الخضر والفواكه تعتبر طريقة صحية لتفادي آثار وبقايا الأوساخ والأتربة العالقة بها، إلى جانب ذلك يقول حسن آيت علي إن عصير الحامض وخل التفاح من الطرق الطبيعية كذلك لتطهير الخضروات والفواكه وذلك باستعمال هذه المكونات في نقع وغسل المواد السالفة الذكر.
ونصح رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك بالحرص على شراء الفواكه والخضروات الناضجة والتي تكون حديثة النزول إلى الأسواق لأنها تحتفظ بكمية أكبر من الفيتامينات والمواد المفيدة الأخرى، والتأكد من أن جميع الصناديق والأكياس المستخدمة في حفظ وتداول الخضروات والفواكه نظيفة وخالية من الحشرات التي تعمل على تلفها، فمثلا وجود مسحوق أبيض أو رمادي حول سيقان الفاكهة وأوراق القرنبيط (الزهرة) والخس وثمار التفاح يدل على احتمال وجود بقايا من المبيدات التي تم رشها على هذه الخضروات، لذا يوصي المصدر ذاته المستهلك بغسل الفواكه والخضروات قبل أكلها أو طبخها وإبعاد ثمار الحمضيات عن بقية الفاكهة إذا كانت تحتوي على بقع زرقاء لأنها دليل على إصابتها بالتعفن.
ودعا آيت علي المستهلكين إلى الحرص على شراء الكميات التي يحتاجونها فقط كون الفواكه والخضروات سريعة التلف والذبول وتفقد الفيتامينات بسرعة، مع استبعاد أي ثمار مصابة أو تالفة حتى لا تنتقل الإصابة إلى بقية الثمار السليمة، وعدم شراء الخضروات والفواكه غير المتماسكة واللينة والتي بها شقوق أو ممزقة أو تلك التي عليها بقع ملونة أو حشرات، وعند شراء البطاطس طالب المتحدث ذاته بتجنب الحبات ذات القشرة الخضراء لأنه يشير إلى وجود مادة سامة بها تدعى “السولانين”، وعند شراء البصل التأكد من عدم وجود نمو فطري عليه والذي يظهر في بعض الأحيان على شكل طبقة سوداء اللون نتيجة للتخزين السيء في أماكن رطبة.