“أروع ديكتاتور”.. هل قضى على خطر العصابات أم انتهك حقوق الإنسان في السلفادور؟
يواجه الرئيس السلفادوري نجيب أبو كيلة، الذي يصف نفسه بـ”أروع ديكتاتور” في الأميركتين، اتهامات متزايدة بأن حربه على عصابات الجريمة المنظمة تؤجج ظاهرة الاعتقالات العشوائية والتعسفية، وفقا لما ذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية.
وكان قد جرى اعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص في السلفادور منذ أن شن أبو كيلة (41 عامًا) حملة شرسة على مستوى البلاد ضد عصابات الجريمة في العام الماضي.
وتقول جماعات حقوقية إن حالة الطوارئ، التي فرضت في مارس من السنة المنصرمة، وجرى تجديدها بشكل دوري منذ ذلك الحين، قد أدت إلى اعتقالات تعسفية وسوء معاملة ووفيات في السجون المكتظة.
وتعتبر “حالة الطوارئ الاستثنائية” التي تفرضها الحكومة جزء من حملة على عصابات “مارا سالفاتروشا” وعصابات الشوارع”Barrio 18″ سيئة السمعة التي أرهبت الناس على مدى عقود بالعنف والابتزاز.
ومنذ ذلك الحين تم اعتقال أكثر من 66 ألف شخص في بلاد يقدر عدد سكانه بـ 6.4 نسمة، كما جرى الزج بآلاف المعتقلين داخل “سجن ضخم” جديد مشدد الحراسة، والذي من المقرر أن يصبح الأكبر في العالم مع استمرار التوسع في مساحته.
وتتمتع السلفادور بأعلى معدل سجناء في العالم، حيث يقبع ما يقرب من 2 بالمئة خلف القضبان، مع العلم أن عدد السكان لا يزيد عن 6.4 ملايين نسمة.
واعتبر رئيس السلفادور أن سياسة “القبضة الحديدية” التي يتبعها قد أدت إلى انخفاض معدلات جرائم القتل في البلاد، إذ جرى اقتراف 496 جريمة قتل العام الماضي، بانخفاض 56.8 في المائة عن الأشهر الـ 12 السابقة.
وأضحى أبو كيلة، صاحب الأصول الفلسطينية، والمحنك إعلاميًا يتمتع بشعبية جارفة بين شعب السلفادور، إذ وجد استطلاع أجري في فبراير أن 92 في المائة من السكان يؤيدون “حالة الطورائ الاستثنائية”.
وقال خوان كارلوس (48 عامًا)، وهو مصور صحفي مقيم في العاصمة سان سلفادور، إن مواطني البلاد تمتعوا مؤخرا بفترة غير عادية من الهدوء والسلام، لافتا إلى أن عصابات الشوارع قد اختفت من حيه بشكل شبه كامل.
مخاوف وتساؤلات
وفي مقابل، يرى حقوقيون أن السياسات العقابية المتشددة لأبو كيلة تثير الكثير من التساؤلات بشأن الثمن الذي قد يرغب السلفادوريون في دفعه مقابل زيادة الشعور بالأمان.
فمنذ توليه منصبه في العام 2019، استخدم رئيس البلاد أغلبيته التشريعية لعزل خمسة قضاة، في حين عينت المحكمة العليا عشرة قضاة مؤيدين له.
وبموجب مرسوم طوارئ الذي يهدف إلى مكافحة عنف العصابات يمكن للسلطات تجاوز بعض الحقوق الدستورية وإجراءات التقاضي السليمة، وتستطيع الشرطة اعتقال الأفراد دون مذكرة توقيف مع تقييد تواصلهم بالمحامين وعدم الرجوع إلى القضاء لتمديد فترة الاحتجاز.
وتحدثت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، مستشهدة ببيانات حكومية مسربة، عن وجود “انتهاكات جماعية للإجراءات القانونية”، وشمل ذلك وفاة مائة شخص خلال احتجازهم، ناهيك عن اعتقال أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا.
وشددت “هيومن رايتس ووتش” على أن الكثير من الاعتقالات تمت دون وجود أدلة جوهرية ومؤكدة.
ووفقًا لتقرير أصدرته المنظمة مؤخرا فإن عناصر الشرطة يعتقلون أشخاصا بناء على وجود أوشام على أجسادهم كدليل على انضمامهم إلى عصابة معينة.
وقال العديد من الشهود، الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، إن بعض أقاربهم اعتقلوا دون وجود أي وشوم على أجسادهم، وأن كل ذنبهم أنهم يقطنون أحياء فقيرة تسيطر عليها العصابات.
ونبهت مديرة أبحاث حقوق الإنسان في”كريستوسال”، رينا مونتي، وهي منظمة حقوقية سلفادورية، أنها تلقت 3300 شكوى من عائلات زعمت أن أنباءها قد تعرضوا للاحتجاز التعسفي من قبل الشرطة.
ووفقًا لبيانات المنظمة، فقد كان لدى الشرطة أدلة ملموسة على عضوية العصابات لأقل من 30 في المائة فقط من الأشخاص المحتجزين في العام الماضي.
وقالت مونتي: “في معظم الحالات، ليس لدى السلطات دليل على أن المعتقلين قد تورطوا بالفعل مع العصابات، وبمجرد القبض عليهم يصبح من شبه المستحيل إخراجهم”.
وفي نفس السياق، اعترف نائب الرئيس السلفادوري، فيليكس أولوا، أن ثمة أبرياء قد كانوا ضحية لمكافحة الجريمة والعصابات في البلاد.
وفي مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية العام الماضي، أصر أولوا، على احترام سيادة القانون، وأن أي انتهاكات لحقوق الإنسان هي “أضرار جانبية” قد تحدث في أي حرب.