دولي

الانتخابات التركية 2023: توقعات بتنامي الصادرات الدفاعية التركية خلال السنوات القادمة

على مدار جولتين، حصدت الانتخابات التركية، خاصة الرئاسية، اهتماما واسعا على الصعيدين المحلي والدولي.
وكانت المنافسة شرسة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصل إلى سدة الحكم عبر رئاسة الوزراء منذ عشرين عاماً، واستطاع الفوز بجولة رئاسية ثالثة، ومنافسه كمال كليجدار أغلو، من المعارضة التي تتهم أردوغان بإقحام البلاد في “مخاطر كبيرة”، وتعتبر بعده عن الغرب “خطأً” يجب تصحيحه.
رغم محاولة الكثيرين استبعاد ملف تطوير الصناعات الدفاعية التركية من حسابات الربح والخسارة في منافسات الرئاسة التي جرت في مايو / أيار، باعتبار أن الصناعات التركية العسكرية هي استراتيجية تركية وطنية لا ترتبط بسدة الحكم، إلا أن هذا الملف يُقحم نفسه بشدة لأنه يعتمد على رؤية حاكم البلاد لإدارته من خلال برامج اقتصادية وسياسية، لاسيما السياسات الخارجية.
“الاستقلالية”
ولعل السبب الرئيسي لانتهاج تركيا سياسة الاستقلالية الدفاعية، ظهر منذ عام 1974 حين حظرت الولايات المتحدة تصدير السلاح لتركيا على خلفية أزمة شمال قبرص، وفي عام 1980 بدأت أنقرة تفكر بشكل جدي في برامج للتصنيع الدفاعي الصغير لتعويض الصادرات الأمريكية.

في عام 2003 ومع تصدر حزب العدالة والتنمية للمشهد السياسي حين تولى الرئيس رجب طيب أردوغان حينها رئاسة الوزراء، دفع الحزب نحو التوجه إلى الصناعات العسكرية الثقيلة، وبدأت البلاد خطوات فعلية في تصنيع الأسلحة الدفاعية الثقيلة عام 2010.

ويقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن “تركيا حققت ثورة في مجال الصناعات الدفاعية، مدعومة بأكثر من 2000 شركة تركية تعمل في هذا القطاع، بعدما كانت 56 شركة فقط عام 2002″، فيما ارتفعت “حصة البحث والتطوير للصناعات الدفاعية من 49 مليون دولار إلى 1.5 مليار دولار، وارتفعت الصادرات الدفاعية التركية من 248 مليون دولار قبل 20 عامًا إلى 4.4 مليار دولار، مع وجود أكثر من 725 مشروعًا دفاعيًّا”.

ويصر الرئيس التركي على تحويل “تركيا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة إلى قوة عالمية في مجال الصناعات الدفاعية” باعتبار أن “السلام والعدل والحق سيترسخ في المنطقة والعالم كلما تعززت قوة تركيا”، على الرغم من أن منافسه في الانتخابات الرئاسية زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، اعتبر أن رؤية أردوغان بخصخصة قطاع الصناعات الدفاعية، “تشكل مخاطرة” أمام الدولة التركية.
بدائل للغرب
يقول المحلل السياسي التركي، جواد جوك لبي بي سي، إن الحكومة التركية بقيادة أردوغان استطاعت التركيز على أن تحول الجيش من “فكرة الجمود العسكري إلى فكرة الانفتاح والتطوير” وهو ما جعل تركيا تنجح أكثر من غيرها في أن تكون من بين الدول المتقدمة عالمياً في الصناعات العسكرية والدفاعية.
واعتبر جوك أن أنقرة استطاعت التغلب على إيران في منطقة الشرق الأوسط في مجال التطوير العسكري، ولم يبقَ لتركيا منافس في المنطقة سوى إسرائيل.
وفيما يخص دور الأسلحة التركية في المنطقة العربية، قال جوك إن أنقرة “تنتهج خطاب القومية خلال تحركاتها في المنطقة العربية”، مشيراً إلى أن موقع تركيا “الاستراتيجي” يجعلها مضطرة للتدخل في الملفات المحيطة بها كسوريا وليبيا.
وأكد جوك على حاجة تركيا إلى تطوير صناعاتها باستمرار خاصة مع مقاطعة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو لتصدير صواريخ باتريوت لتركيا، مشيرا إلى أن هناك مساعي خاصة لتطوير صواريخ بديلة عن تلك الصواريخ، ورصد ميزانية أكبر لتطوير الصناعات الدفاعية.
ترسانة متطورة
خلال السنوات العشر الأخيرة لمعت أسماء الأسلحة التركية، لا سيما الطائرات، في مناطق متوترة كليبيا وسوريا والعراق ومالي وأخيراً في الحرب الروسية الأوكرانية، وهي مناطق تنشط فيها تركيا كقوة إقليمية لتنمية نفوذها، وبعد أن ظفر الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة، يعود السؤال حول وجهة الصناعات الدفاعية التركية المستقبلية.
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبيل الانتخابات الأخيرة عن ترسانة جديدة من الأسلحة التي تطورها تركيا ومن المتوقع أن تدخل الخدمة العام الجاري.
ومن بين تلك الأسلحة المقاتلة “قآن”، والتي قال أردوغان إن تركيا ستكون واحدة من 5 دول تُنتج هذا النوع من الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس في العالم، وطائرة “حر جت” التي ستكون بديلة عن طائرات إف-16 بعد تمسك الولايات المتحدة بموقفها الرافض لتصديرها لأنقرة.

ومن أهم الصناعات الجديدة التي أعلنت عنها تركيا أيضا، “بيرقدار قزل ألما” والتي تعتبر نموذجاً متطوراً من مسيّرة بيرقدار التي حققت نجاحاً واسعاً، بالإضافة إلى مركبة “بيرقدار آقينجي” ومركبات بحرية مسيرة أبرزها “أولاق” و”سالفو”، و الصاروخ البالستي قصير المدى “طيفون” وغيرها الكثير من الصناعات المتطورة التي دخلت أو ستدخل الخدمة خلال العام الجاري.
وتعمل على تطوير تلك الدفاعات، شركات محلية بارزة استطاعت أن تحتل مراتب متقدمة عالمياً في مجال الصناعات العسكرية ومن أهمها شركات، روكتاسان وأسيلسان وتوساش وأوكل أف.
ويرى الخبير العسكري العبيد عبد الله الأسعد أن تركيا في ظل حكم أردوغان لن تتراجع عن تطوير صناعاتها العسكرية بأشكال مختلفة، خاصة وأن العالم أصبح “تحت سيطرة الاستقطابات والتحالفات”.
“ساحة مفتوحة”
وحول إذا ما إذا كانت تركيا تستهدف المنطقة العربية والنزاعات فيها للترويج لمنتجاتها، قال الأسعد إن “الساحة في المنطقة العربية كانت مفتوحة أمام الآلة الحربية التركية، وفي حال استمرت تلك النزاعات فإن الصناعات الدفاعية التركية ستلقى رواجاً في المنطقة، وسيتكرر ذكرها على اختلاف درجة تطورها”.
وأوضح الأسعد أن “الدفاعات التركية أثبتت قدرتها وفعاليتها مقارنة بالدفاعات الأخرى من إيران وروسيا”، وهو ما يجعل تركيا هدفا للعديد من الدول للاستفادة من هذا التطور، لا سيما قطر التي تمول العديد من الإنتاجات التركية، والإمارات التي تسعى لفتح مصانع لإنتاج السلاح التركي على أرضها”.

ولمّح الأسعد أن تركيا تطمح لأن تكون رائدة في مجال تصدير الأسلحة وتحتل مراكز متقدمة في قائمة الدول المصدرة للسلاح حول العالم، مشيرا إلى أن خير دليل على الأهداف التركية مع ولاية أردوغان الجديدة هو تخصيص مبالغ ضخمة للاستثمار في الصناعات الدفاعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى