حملات تبرع وموجة تضامن في فرنسا مع ضحايا زلزال المغرب
حشدت مدن وجمعيات في فرنسا جهودها لجمع التبرعات والمساعدات لضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب المغرب ليلة الجمعة السبت، وخلّف حسب آخر حصيلة الإثنين أكثر من 2600 قتيل و2500 جريح. ورسميا، أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية عن رصد 5 ملايين يورو لمساعدة المنظمات المشاركة في عمليات الإغاثة الجارية حاليا بالمملكة.
في قاعة أتاحتها بلدية شاتيون بجنوب العاصمة الفرنسية باريس، تواصل عشرات النسوة منذ صبيحة الأحد أي غداة الزلزال العنيف الذي ضرب إقليم الحوز جنوب مدينة مراكش وسط المغرب، فرز التبرعات التي لا تتوقف عن التدفق. حيث تتراكم الملابس والخيام والألحفة والأدوية وكذلك المواد الغذائية في أكياس بلاستيكية كبيرة، بغرض إرسالها إلى المنكوبين.
وفي فرنسا، يقدر عدد أفراد الجالية المغربية بحوالي 1,5 مليون شخص، منهم 670 ألف مواطن مزدوج الجنسية، ما يعني أن صدمة الزلزال الذي ضرب المملكة، كان لها وقعها وأثرها على من يتواجدون بالضفة الأخرى من المتوسط.
تقول فدوى بصوت خافت وهي تحمل أكياس تسوق مليئة بالملابس: “إنه بلدي الذي ولدت وكبرت فيه، لهذا فإنني متأثرة طبعا”.
بدورها، تقول لطيفة البالغة من العمر ثلاثين عاما وهي تنحدر من شمال المغرب، وقد جاءت برفقة أفراد عائلتها للتبرع: “لقد صدمني هذا فعلا. أعتقد أن الأمر تطلب مني 24 ساعة لأدرك حقيقة ما جرى”. تضيف هذه الشابة التي بقيت هنا لساعات لمساندة المتطوعات اللواتي انهالت عليهن المساعدات: “هذا يدفئ قلبي حقا، تحرك الجميع من أجل قضية سامية”.
“مع اقتراب البرد… ما نحتاجه هو مستلزمات الشتاء”
وإلى جانب أبناء الجالية المغربية، تحرك العديد من الفرنسيين أيضا للمساهمة في هذه الهبّة الشعبية لدعم ضحايا الزلزال. منهم بوبو، الذي جاء من بلدة مودون المجاورة محملا بملابس رجالية وأدوية. يقول هذا الشاب البالغ 31 عاما من العمر: “كان مهما بالنسبة لي أن أدعم الأشخاص الذي هم في حاجة. ليست لدي روابط مع المغرب، لكني أعتقد أننا في مثل هذه اللحظات نكون جميعا مترابطين”.
يقف وراء حملة جمع التبرعات هذه والتي تم تنظيمها بسرعة عقب الكارثة، دنيا حناش. أسست هذه الناشطة عام 2018 جمعية أبجد، التي ترافق السكان غير الناطقين بالفرنسية في بحثهم عن وظيفة من خلال تلقينهم اللغة الفرنسية.
وبفضل فرع جمعيتها بالمغرب، تأمل حناش في أن تتمكن من إرسال التبرعات التي تم جمعها في فرنسا بأقرب وقت ممكن.
وهي توضح في هذا السياق: “ما نحتاجه هو ملابس الشتاء، الأغطية، والخيام، لأن سكان المناطق الجبلية تأثروا بشكل رئيسي، ولأن الطقس سيصبح باردا قريبا، نحاول استباق كل ذلك وتوفير احتياجاتهم لفصل الشتاء”.
تضيف الشابة التي ستنظم حملة ثانية لجمع التبرعات خلال الأيام المقبلة: “يسألني المزيد من الأشخاص أيضا عما إذا كان بإمكانهم تقديم تبرعات مالية لأنهم لا يستطيعون التنقل. لهذا فقد قمت للتو بإنشاء صندوق طوارئ لجمع التبرعات”.
مساعدات مالية بملايين اليوروهات
منذ الإعلان عن الحصيلة المأساوية للزلزال الذي شهده المغرب التي لا تزال في ارتفاع مع مرور الوقت، انتشرت مبادرات مثل تلك التي أطلقتها دنيا حناش في ربوع فرنسا كحملة جمع التبرعات في البلديات أو في مقار الجمعيات، وكذلك أسواق السلع القديمة للتضامن مع المنكوبين، وأيضا صناديق تبرعات على الإنترنت يتم ترويجها على منصات التواصل.
كذلك، أطلقت منظمات خيرية عدة السبت نداء لجمع التبرعات، منها “منظمة الإغاثة الشعبية” الفرنسية، و”مؤسسة فرنسا” التي أعلنت عن جمع ما لا يقل عن 250 ألف يورو من المساعدات للمنكوبين، فور إطلاق الحملة.
وعدت العديد من مدن وأقاليم فرنسا بتقديم الدعم اللوجستي أو المالي للمغرب. حيث عرض عمدة مرسيليا مثلا إرسال رجال الإطفاء البحريون (وحدة نخبة من رجال الإطفاء العسكريين التابعين للبحرية الوطنية). بدورها، وعدت فاليري بيكريس رئيسة منطقة إيل دو فرانس، باريس والضواحي، بتقديم مساعدة مالية مقدرة بـ500 ألف يورو.
من جانبها، قامت وزارة الخارجية الفرنسية السبت بتفعيل “صندوق العمل الخارجي للسلطات المحلية” لدعم المبادرات التضامنية مع المغرب. وأوضحت نفس الجهة بأن عدة سلطات محلية اتصلت بها لعرض مساعدتها بمبلغ ناهز مليوني يورو.
والإثنين، أعلنت وزيرة الخارجية كاترين كولونا عن رصد مساعدة بقيمة خمسة ملايين يورو للمنظمات غير الحكومية التي تشارك حاليا في عمليات الإغاثة بالمغرب. وقالت كولونا إن هذه المساعدة مخصصة للمنظمات الإنسانية التي تنشط “على الأرض” في المملكة، وسيتم تخصيصها من احتياطي وزارتها