مجتمع

متى كانت هيبة الجامعات رهينة بثقافة الشيخات؟

رشيد بوروة

من يتابع خرجات الوزير الميراوي التي لا تعدو أن تكون فلتات لسان، أو انزلاقات خارج السياق، يدرك أن الرجل بعيد كل البعد عن إصلاح التعليم العالي، فكل تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار محبطة لكل مكونات الجامعة المغربية، من الطالب إلى الأستاذ، مرورا بالعمداء والرؤساء، وكأننا كنا في المغرب منذ الاستقلال، ننتظر قدوم الفارس المغوار ، الميراوي ليعيد لجامعتنا هيبتها ومكانتها، وكأن الجامعة المغربية لا تزخر بالكفاءات، وهي التي تتسابق على خريجيها، كبريات الشركات العالمية في شتى المجالات، من الهندسة إلى الطب مرورا بالإعلاميات والفيزياء والعلوم الحيوية والكيمياء والتدبير، إضافة إلى العلوم الانسانية، حيث يحاضر العشرات من أساتذة الجامعات المغربية بالدول العربية الشقيقة.


كل هذا في نظر الوزير المزاجي، لا يساوي شيئا، فهو لا يتورع في الحديث عن إرجاع الهيبة للجامعة المغربية ويحبط الطلبة ومعهم كل الأولياء، والاساتذة الباحثين، ويكرس ثقافة الفشل، فكيف لوزير طوال عام من تدبير القطاع لم يأت بجديد، عدا الركوب على ما تركه سلفه، من قبيل شريحة لكل طالب في الجامعة، وهو مشروع الوزير السابق، أراد أن يتبناه الوزير الميراوي بالركوب على إنجازات الآخرين، وحتى الحديث عن شعبة الطب باللغة الانجليزية، فقد كانت موجودة قبل وصوله للحكومة في جامعة محمد السادس لعلوم الصحة. كل ما يمكن أن يتغنى به الوزير الميراوي هو ما أسماه بمناظرات المخطط الوطني لتسريــع تـحــــول منظومة التعليم العـالـي والبحث العلمي والابتكار، ولا تسريع بدا لنا في الأفق، ولا هم يحزنون.
الوزير الميراوي ربما يفكر في استرجاع هيبة الجامعة المغربية بثقافة البندير والشيخات، مع الاحترام الواجب لهذا الفن، ولكننا أيضا نتميز بالمطبخ المغربي، الذي وصل صداه أرجاء الدول، فهل نرجع هيبة الجامعة بالطبخ مثلا؟
ثم هل يمكن استرجاع هيبة الجامعة فقط باللغات مع العلم ان المعول عليه في سوق الشغل هو المهارات التقنية.
المتعارف عليه هو أن الجامعة يجب ان تكون فضاء للابتكار و الاختراع والإبداع، وأيضا فضاء للحوار والتسامح، وباختصار شديد، يجب أن تكون الجامعة فضاء للافراج عن الطاقات الكامنة، وهذا لا يكون بخطاب الإحباط والتبخيس..
يبدو أن الوزير المتعجرف والمحبط لكل معنويات الطلبة والباحثين، نسي كل هذا، ونسي أيضا أن الحكومات المغربية المتعاقبة منذ الاستقلال، جلها من الكفاءات المغربية التي تخرجت من الجامعات المغربية، وواصلت مشوارها بالجامعات الغربية، ونسي أيضا أن علماء مغاربة من خريجي جامعاتنا، يحتلون الصدارة في مراكز بحثية أوربية وأمريكية.
السيد الوزير، الجامعة المغربية لم تفقد قط هيبتها ولا بريقها، وما سوف يجعلها كذلك هو خطاب الاحباط والتهويل والتقليل من قيمة مكوناتها، وهو ما سوف ينعكس على معنويات الجميع.
معالي الوزير المغرم بثقافة الشيخات، رغم كل ما تريدون التسويق له، نقول لكم أن الجامعة المغربية بخير، وتحتاج لإرادة سياسية تزيد من حجم ميزانية البحث العلمي وتقوي مركز الأستاذ الباحث ماديا ومعنويا، حتى تستمر في الصدارة، خاصة وأن الشركات العالمية لا زالت تستنزف الكفاءات المغربية حتى قبل تخرجها، من مهندسين و أطباء ودكاترة في مختلف الميادين. وعوض خطاب الإحباط، والوعد والوعيد، وسياسة الترهيب والتخويف، نريد خطابا إيجابيا لتشجيع هذه الكفاءات، التي تدرس بالجامعة المغربية والتي كانت وسوف تبقى دائما في خدمة وطنها..

أيها الوزير القادم من كوكب تضارب المصالح والامتيازات، نذكرك أنه قد تعاقبت على هذه الوزارة شخصيات وازنة علميا، ثقافيا و سياسيا، و لا أحد تجرأ أن يمس هيبة الجامعة، بل جميعهم، نشروا خطابا إيجابيا لرفع معنويات كل مكونات الجامعة المغربية، مما ساهم في تكريس ثقة الجامعات الدولية في الجامعات المغربية.. لهذا نقول إننا في حاجة إلى التعبئة والإرادة السياسية للرفع من مردودية الجامعة المغربية، التي لا يمكن أن تزيد من هيبتها ثقافة الشيخات التي تتغنون بها، ولا ثقافة البندير على حد تعبير الراحل ادريس الخوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى