سياسة

سباق الجزائر والمغرب لإنجاز خط الغاز إلى أوروبا.. من الأقرب للوصول؟

لا يزال أنبوب الغاز الجزائري الممتد من نيجيريا، إلى سواحل المتوسط قبالة أوروبا، محل اهتمام الحكومة، شأنها شأن الدول الأوروبية، التي تسعى لاستبدال الغاز الروسي بسرعة، في ضوء ما ترتكبه موسكو من فظائع في أوكرانيا منذ قرابة السنة.

وبالموازاة مع “الأنبوب الجزائري”، يسعى المغرب من جانبه لإنشاء أنبوب عابر آخر يمتد هو الآخر من نيجيريا، لكن يمر عبر نحو 13 دولة قبل أن يصل جنوب سواحل الضفة الأخرى (أوروبا).

وتسعى الدولتان لإبراز أهمية هذا الأنبوب الحيوي، لأوروبا، بينما تتباين فرص الإنجاز بينهما انطلاقا من أسباب تقنية تارة وأمنية تارة أخرى.

فالجزائر التي قال رئيس حكومتها، أيمن عبد الرحمن، خلال لقاء في السنغال مطلع الشهر الجاري، يتعلق بتمويل المنشآت في أفريقيا، إنها متمسكة بالمشروع، تقول إن وتيرة الإنجاز قد تكون سريعة بالنظر إلى الهياكل القاعدية التي تتوفر عليها أصلا، بينما يقول منتقدون، إن الخط الذي سيمر عبر النيجر، قد يتعرض لمشاكل أمنية بما أن المنطقة مرتعٌ لتنظيمات مسلحة شتى.

في المقابل، يرى متابعون أن وتيرة إنجاز الخط الذي سيمر عبر المغرب كمحطة أخيرة قبل مروره عبر عدة دول (11 دولة عدا نيجيريا والمغرب) ستكون أبطأ بالنظر إلى المشاكل التقنية التي سيتعرض لها مشروع بهذه الضخامة.

الجدوى
صحيفة “ذا أبجاكتف” الإسبانية، وصفت في تقرير حديث لها أنبوب الجزائر المرتقب بـ”المشروع الأكثر جدوى” لكنها أشارت إلى منافسة الخط الذي من المزمع أن يمر عبر المغرب، بينما شددت على أنه لن يبدأ العمل حتى سنة 2046، وفق ما نقلته عن مصادرها.

ووُقّعت في الرباط في منتصف سبتمبر 2022 مذكرة تفاهم حول مشروع أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

يذكر أن الجزائر هي أول مصدّر للغاز الطبيعي في أفريقيا والسابع في العالم، وكانت تزوّد أوروبا بنحو 11 بالمئة من احتياجاتها مقابل 47 بالمئة من روسيا.
لا يزال أنبوب الغاز الجزائري الممتد من نيجيريا، إلى سواحل المتوسط قبالة أوروبا، محل اهتمام الحكومة، شأنها شأن الدول الأوروبية، التي تسعى لاستبدال الغاز الروسي بسرعة، في ضوء ما ترتكبه موسكو من فظائع في أوكرانيا منذ قرابة السنة.

وبالموازاة مع “الأنبوب الجزائري”، يسعى المغرب من جانبه لإنشاء أنبوب عابر آخر يمتد هو الآخر من نيجيريا، لكن يمر عبر نحو 13 دولة قبل أن يصل جنوب سواحل الضفة الأخرى (أوروبا).

وتسعى الدولتان لإبراز أهمية هذا الأنبوب الحيوي، لأوروبا، بينما تتباين فرص الإنجاز بينهما انطلاقا من أسباب تقنية تارة وأمنية تارة أخرى.

فالجزائر التي قال رئيس حكومتها، أيمن عبد الرحمن، خلال لقاء في السنغال مطلع الشهر الجاري، يتعلق بتمويل المنشآت في أفريقيا، إنها متمسكة بالمشروع، تقول إن وتيرة الإنجاز قد تكون سريعة بالنظر إلى الهياكل القاعدية التي تتوفر عليها أصلا…
شدد الرجل على أن مشروع إيصال الغاز إلى أوروبا يهم نيجيريا وأوروبا بالدرجة الأولى لأن الأولى تريد بيع منتوجها ولا يهمها الطريق الذي يسلكه، “لذلك ربما يكون الخط الأقل تكلفة هو ذلك الذي يمر عبر الجزائر”.
لكن الخبير الاقتصادي المغربي، عبد الخالق التهامي، يرد على ذلك بالقول إن مشروع الخط بين نيجيريا والمغرب “أكثر إفادة” بحيث يمر على دول عديدة يمكنها الاستفادة منه، قبل أن تستفيد الدول الأوربية بدورها منه، كمصدر آخر يغنيها عن الالتفات للروس.
شدد التهامي على أنه في حين يواجه مشروع الخط الذي يمر من نيجيريا إلى الجزائر عبر النيجر، خطرا أمنيا مستمرا، يواجه الخط الذي يمر عبر المغرب بدوره بمشاكل تقنية.

وقال “الخط الجزائري يمر على منطقة no man’s land وهو بحد ذاته يعطي الانطباع بالخطر الذي سيواجهه مستقبلا” ثم استدرك بالقول “لكن الخط المغربي يواجه هو الآخر مشاكل تقنية كبيرة، ولا يمكنه أن يستمر إلا إذا تم تجاوزها بحلول تقنية أيضا”.

أشار التهامي كذلك إلى انسحاب فرنسا من منطقة الساحل حيث يمر “الخط الجزائري” مشيرا إلى أن ذلك سيزيد من تعقيد الوضع ويكبح سرعة الإنجاز، بينما لا تزال تنظيمات مسلحة “تصول وتجول في المنطقة”.

وقال :”المخاطر تختلف لكن الفائدة تصب في الخط بين نيجيريا والمغرب”.

قال جيف دي بورتر الخبير في الطاقة في مؤسسة “نورث أفريكا ريسك كونسالتنغ” في حديث سابق لوكالة فرانس برس إن “خط أنابيب كهذا سيكون معرضا للخطر بشكل هائل، ليس فقط بسبب هجمات المتطرفين لكن أيضا من المجتمعات المحلية في حال شعرت أنه يتم استغلالها في مشروع لا يأتيها منه أي فائدة”.

مشروعان متوازيان.. واعدان
يبلغ طول مشروع أنبوب غاز نيجيريا – المغرب 6000 كيلومتر، ويمر عبر 13 دولة إفريقية على طول ساحل المحيط الأطلسي ويفترض أن يمدّ دولا غير ساحلية هي النيجر وبوركينا فاسو ومالي.

وينبغي أن يتيح المشروع نقل أكثر من 5000 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى المغرب، وبالتالي سيتم ربطه مباشرة بخط أنابيب المغرب-أوروبا (GME) وشبكة الغاز الأوروبية.

في الجهة المقابلة، سينقل خط أنابيب الغاز العابر للصحراء “تي اس جي بي” مليارات الأمتار المكعبة من الغاز من نيجيريا في غرب إفريقيا إلى النيجر شمالا ثم إلى الجزائر.

ومن هناك، يمكن ضخ الغاز عبر خط أنابيب عبر المتوسط “ترانسميد” إلى إيطاليا، أو تصديره بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال.

هذه الحيثية اعتبرها المحلل الجزائري، أنها من بين الصعوبات التقنية التي قد تعترض نوعا ما السير السريع للمشروع.

بوقعدة قال في الصدد”هناك مشكل تقني يخص خط الجزائر كذلك، وهو استحالة خلط الغاز النيجيري مع غازنا، لذلك أتوقع ضرورة بناء خط موازي للخط الموجود حاليا، وهذا يمكن أن يكبح سرعة المشروع”.

وقدرت كلفة الخط العابر للصحراء بعشرة مليارات دولار عند اقتراحه للمرة الأولى في عام 2009.

التمويل
في الصدد قال بوقعدة “هناك مشكل آخر يتعلق بالتمويل، لأنه في حين أن البنك الأفريقي أعطى موافقته على تمويل المشروع لم نسمع بعد أي شيء من الجانب الأوروبي”.

لكنه عاد ليقول إنه رغم هذه المشاكل بالإضافة إلى صعوبة إنجاز خط عابر للبحر المتوسط على المدى القريب، يمكن أن يكون الخط الذي يعبر عبر الجزائر أكثر واقعية وأسرع للتفيذ.

من جهته يرى التهامي أن قول الصحيفة الأسبانية بأن المشروع المغربي لن يكون جاهزا قبل سنة 2046 فيه نوع من المغالطة.

وقال: “لا يمكنني أنا أو أنت أن نقرر متى يمكن أن يبدء الأنبوب لأنا لا نملك كل المعطيات التقنية على الأرض، لذلك لا يمكن أن أوافق راي الصحيفة بالخصوص”.

ردا على ذلك، تساءل بوقعدة عن إمكانية إنجاز مشروع عملاق كهذا في فترة “وجيزة” مثنيا على المشروع الذي تسوّق له بلاده قائلا إنه الأقرب للإنجاز على اعتبار أنه يمر عبر ثلاث دول فقط هي نيجيريا، النيجر، والجزائر.

يقول التهامي من جانبه، إنه ورغم أن التكلفة أقل بخصوص الأنبوب الذي يمر عبر الجزائر، لكنه “الأصعب للتأمين” وفق تعبيره، مجددا التأكيد بأن الحديث عن تاريخ التسليم بناء على تخمينات لا يمكن أن يكون موضوعيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى