رئيس التحرير د: عزت الجمال يكشف عن التهديدات التي لاحقته في السينغال ومحاولة القتل وسرقة مستندات خطيرة تهم الموساد وماكي صال
شاءت الظروف أن أكون متواجدا في السينغال دكارا، إثرٍ محاكمة زعيم المعارضة الشعبي والمثير للجدل عثمان سونكو، إثر المظاهرات التي وقعت في جميع أنحاء الدولة الواقعة غرب أفريقيا، والتي قتل فيها المئات، حينما تم طرد المحامي الفرنسي الذي رفضت المحكمة مرافعته، كنت أقوم بعمل روبورتاج كصحفي، هنا بدأت رحلة المتاعب في المظاهرات، في الشوارع، لقاءات مع الشعب، وخاصة الشباب المتحمس للتغيير حول أفكاره، في دولة السلطة فيها مستبدة، حتى آمنت بشيء أن الشعب يريد عثمان سونكو للتغير، كان هو أمل الشعب السينغالي في كل مكان داخل وخارج السنيغال، وإيمانا مني بالتغيير وإنهاء الفساد في هذه الدولة، ودعم المعارضة الصادقة، وبالفعل لأن عندي برنامج كما تعلمون إسمه “في ضيافة السفير”، وكان لي لقاءات عديدة حول هذا الشأن والكل يترقب في حيرة، وكنت أبحث عن معلومات للنشر، وهنا عرض علي أحد الأشخاص وثائق في غاية الأهمية.
إعلم عزيزي القارئ أن المخابرات الإسرائيلية الموساد لها نشاط كبير في دكارا، وهذا معلوم، هنا كانت المفاجأة غابرييل بيريتس، وهو أحد المقربين من الرئيس السينغالي ماكي صال متورط في صفقه أسلحة بقيمة 45 مليار دولار لصالح دولة السينغال، وقد تم تحديد شركته “اد تريد” باعتبارها المورد الرئيسي للأسلحة الروسية التي طلبتها الحكومة السينغالية، كمًا أستخدمت شركة “اد تريد” التي يملكها غابرييل بيريتس في تسليح الجيش السينغالي، وشركة “تيم جورج” الإسرائيلية التي تسيطر على آلاف الحسابات المزيفة للتأثير على الرأي العام، والتلاعب بالانتخابات، وشراء الصحفيين، وهو مايظهر القبضة الإسرائيلية الخانقة على الحياة السياسية والأمنية في السينغال التي تشبه كيبوتس وسط الساحل.
وقد برزت هذه الظاهرة في السينغال بفضل مبادرة غابرييل بيرتس، وهو الشخص الذي وجه الموساد، وهذا الشخص هو الذي سهل قرضًا بقيمة 300 مليون دولار للحكومة السينغالية، لشراء الأسلحة، هذا الأمر بالبحث وضعت في أيدي وثائق تدين الرئيس ماكي صال رجل الدولة غير الأمين هو ومعه إثنين أخرى.
علمت أن إسرائيل والموساد تتخذ دكارا قاعدة لها، وكان ذلك بالاتفاق مع الرئيس ماكي صال الذي أمدها بالأسلحة وأجهزة التجسس وغيرها لقتل وإبادة الشعب السينغالي، وكل ما يعارض حكم الطاغية، وكان الاتحاد الأوروبي يسكت المعارضة بعصابات يستعين بها النظام لتفشي الفساد والقمع والاعتقالات والتهديدات، والله لم يفعل الاستعمار الفرنسي ذلك كما فعلته انت يا ماكي صال وزيرً الداخلية الفاجر أنطوان فليكس.
تخضع المشايخ والعلماء ولكن الله مع هذا الشعب، كل هذا معك ولكن الله ليس معك، وأن ينصركم الله فلا غالب لكم، ومع أني تعرضت للخطر والسرقة العلنية تحت التهديد، وسرقة الوثائق المهمة للنشر، وجواز سفري وأموالي، بعد دفع مبلغ كبير من المال للحصول على كل هذه الوثائق، ولكنهم هم كانوا على علم بهذا الأمر، ولا اعرف ماذا حدث لهذين الشخصين اللذين قاما ببيع هذه المعلومات لي، حتى الشرطة كانت على علم، ولاتريد إثبات السرقة، بل اكتفت بتحرير محضر فقدان، بالرغم من أني أخبرتهم بتعرضي للخطر… لقد مر ذلك تحت المراقبة من طرف الدولة وفساد الشرطة…
ومع ذلك، قامت بعدة اتصالات ببعض دول الخليج، والذي علمته من مركز القرار في هذه الدولة من الدعم لعثمان سونكو… قالوا لي أنت تعلم الأمر، ونحن الآن على علاقة طيبة مع إسرائيل، وهي التي بين أيديها الملف، هكذا للمرة الثانية تأكدت أن المطبخ هو الموساد.
هناك أشياء ومصالح كبيرة ومهمة لإسرائيل في غرب إفريقيا، وخصوصا من بعض الدول التي لها مصالح مع الكيان الصهيوني، إسرائيل ضمت أوروبا، ليس لها غير إفريقيا، هكذا تبحث إسرائيل وتضع رؤساء وملوك تحت الميكروسكوب، والذي دخل لا يعرف الخروج، هذا مبدأ الصهانية.
في مقالي هذا كتبت حقيقة شعب صبور، كريم، عنده الخيرات، ولايجد شيئا، ولكن عنده الأقوى، الإيمان الداخلي الروحي، هكذا وجدت إيمان هذا الشعب في التغير، إنها ثورة مصغرة أشعلها ألشعب الغاضب، وكانت هي شرارة عثمان سونكو في التغير، هذه الشرارة هي قوة الشعب، هي الصوت العالي، هي صوت الجماهير التي أوقفت هذا المخطط على دولة السينغال.
ومع أني تواصلت مع بعض الأطياف الدينية، فهي روح السلام في السينغال، وممتد أيضا إلى بعض الدول الإفريقية، إن البعض أمتنع عن الكلام، وآخرين كان لهم رأي، وآخرين لم يتطرقوا للحديث عن السياسة، ولكن كان هناك احترام كبير منهم لي، وبدوري أقدم لهم كل مشاعر الاحترام والتقدير مشايخ وعلماء.
وفي وقت زيارتي لعدد من المدن مثل طوبه وكوليخ، وجدت صوفية السينغال يصنعون المستقبل، علماء ومشايخ، لم تقف الصوفية في السينغال عند هذا الحد، بل استطاعت أن تمزج بين التوجه الروحي ومدنية الدولة، وعلمانية التوجه السياسي عند الشعب، هكذا نجت الصوفية في السينغال أن شكلت مناعة وحصانة ضد تيارات التطرف الديني والإهارب المسلح.
وقد نصحني بعض الصحفيين المقربين أنه يجب علي مغادرة السينغال.
والأمر الغريب الذي لا يعقل، كيف ساعدت قوةً أمنية يمولها الاتحاد الأوروبي في سحق الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، وكان المقصود من وحدة الشرطة السينغالية النخبة المدربة من قبل الاتحاد الاًوروبي معالجة الجريمة عبر الحدود، وبدلًا من ذلك، تم استخدامه لقمع حركة شعبية مؤيدة للديمقراطية بهذا العنف القاتل.
واليوم أقول للإرادة السياسية، أن الأمر لم ينتهي بعد، لأن الشوكة ما زالت في أعناقكم، مازال المتربصون لكم، والأمر ليس سهلا، ولكن الطريق يبدأ بخطوة، وها هي الخطوة، مطالبين بمطالب الشعب الذي انتظر كثيرا، وكما تعرفون كل شيء، هناك ثروات، هناك تنمية إرداة الشعب في التغيير، هناك الرشوة والفساد في الدولة، هناك إصلاح المنظومة كلها، حفظ الله دولة السينغال وشعبه المستحق.